الآثار الاقتصادية والاجتماعية للسد

الآثار الاقتصادية والاجتماعية للسد

د.توفيق الطيب البشير

3-1: المقدمة:

كما اشير في الفصل السابق فإن هنالك دراساتٍ عديدةً بدرجة من التفصيل المتنوع قد أعدت للجنة المكلفة بدراسة قيام سد الحامداب وكتابة التقرير عنه.

إن الفكرة من وراء إنشاء الخزان في الوهلة الأولى كانت بغرض توليد الطاقة الكهرومائية من المياه بيد أن الفكرة كانت قديمة ولتواريخ سبقت عام 1974م عندما اقترحت وزارة الأشغال المصرية ذلك. وأنها أيضا دلت على أن هذا الخزان يجب أن يكون ذا أغراض متعددة ليخدم كل الاحتياجات والمتطلبات للمديرية الشمالية.

إن الاقتراح السابق بأن يكون الخزان من أجل غرض واحد هو توليد الطاقة الكهربائية من الماء، سيجعل بالطبع تأثيراته الاقتصادية محدودة جداً. لذا فقد جاء الاقتراح الأخير والذي أثير بواسطة مؤتمر أركويت بواسطة المستشارين الذين يقومون بإعداد دراسة الجدوى الأولية للمشروع مؤيداً قيام الخزان متعدد الأغراض.

ومما لا ريب فيه أن الخزان ذو الأغراض المتعددة أكثر نفعاً للمنطقة على المديين القصير والطويل، بشكل خاص، وللسودان على المديين المتوسط والبعيد، بشكل عام، مع أن بناءه سيكلف كثيراً، وذلك لكونه سيعود للسودان بعوائد اقتصادية واجتماعية كثيرة مثل: توليد الطاقة الكهرومائية الرخيصة ، وتوسيع المساحات الزراعية، وتسهيل الملاحة النهرية، وترقية وتطوير صيد الأسماك.

وبالتالي فإن خزان الحامداب تمت التوصية عليه ليكون ذا أغراض متعددة بشرط أن لا تكون هذه الفوائد فقط للمديرية الشمالية أو السودان فقط، ولكن تكون الفائدة أيضاً للمصريين على نطاق يمكن أن لا يكون أقل من نصيب السودان إن لم تكن أكثر من ذلك.

3-2: تأثيرات الخزان على السودان:

وكما ذكرنا فإن قيام خزان متعدد الأغراض سيؤدي إلى مجموعة من الآثار الإيجابية للمنطقة وللسودان كله ويمكن إجمال هذه الآثار في التالي:

3-2-1: توليد الطاقة الكهربائية من الماء:

أولاً: إن توليد الطاقة الكهربائية من الماء هو الغرض الرئيس وإن القدرات والطاقات الإنتاجية الكامنة والناتجة من محطة الطاقة بالخزان والتي تعمل على حوض النهر الجاري سوف تصل إلى 600 ميقاواط بحلول عام 2000 ميلادي. ( هذه الفرضية على أساس دراسة 1980م)

وعلى نحو أوضح فإن حجم الطاقة سيكون تقريباً مساوياً لـ ¾ 3 من الإنتاج الإجمالي لمشاريع الطاقة الكهربائية الموجودة حالياً وهو 158 ميقاواط. (1984م)

كما أن هذه الـ 600 ميقاواط سوف تؤدي بلا شك إلى التغيير البنيوي والهيكلي في التنمية الاقتصادية مستقبلاً في السودان. وإنه بالنظر إلى فوائد توليد الطاقة في المنطقة الشمالية يمكن أن يطور القطاع الصناعي وأن تأتي صناعات جديدة إلى حيز الوجود في المدن الكبيرة مثل عطبرة والدامر وشندي ودنقلا (كانت المديرية الشمالية آنذاك تضم الولاية الشمالية وولاية نهر عطبرة الحاليتين).

وإن من المتوقع أن أنواعاً معينة من الصناعات يمكن أن تتطور في المدن الصغيرة مثل كريمة ومروي وأبو حمد، حيث إن الكهرباء فيها – وليست المواد الخام – في ضائقة حقيقية. هذه الصناعات سوف تعتمد على المنتجات الزراعية المتوفرة في المنطقة مثل الخضروات والفواكه والبصل والتمور والمحاصيل النقدية… إلخ.

ثانياً: إن المصانع الموجودة في كريمة وعطبرة وشندي والنوراب وقدو… إلخ، سوف تعمل بأقصى طاقتها عندما تزود بالطاقة الكافية.

ثالثاً: إن كهربة مشاريع الري بالمضخات ستكون واحدة من الميزات الرئيسة لهذا المشروع. فالمديرية الشمالية تعتمد كلياً على الري بالمضخات، وإن إنتاجية هذه المشاريع تنخفض يوماً بعد يوم نسبة للنقص الحاد في الوقود الذي تعتمد عليه كل الآليات.(كانت فاتورة البترول المستورد تصل إلى 400 مليون دولار آنذاك) ولذلك فإن مشكلة النفط في السودان عموماً وعلى وجه الخصوص في الشمال هي مشكلة ضائقة حقيقية للتنمية الزراعية.

ومن المأمول لخزان الحامداب أن يحل هذه المشكلة عن طريق ربط كل المشاريع المروية بالمضخات بخط نقل كهربائي بقوة 220 كيلوفولت.

وهنا أثيرت ملاحظة مهمة ألا وهي عندما يتم تقييم هذا العمل اقتصادياً فإننا لا نحتاج لإمداد 220 كيلوفولت في المدن الصغيرة والقرى التي سوف تكون أيضاً مكهربة أي مزودة بالطاقة الكهربائية وحتى في حالة مشاريع الري بالمضخات، بل كل ما نبتغي إليه واحداً من إمداد 220 فولت لأن الفولطية العالية أي الجهد الكهربائي العالي يحتاج للتعديل والضبط بواسطة أنواع معينة من المحولات الأكثر تكلفة عند شراء مولدات لهذه المناطق.

وأخيراً فإن تزويد كل المدن والقرى بالطاقة الكهربائية للمنازل ومرافق الخدمات  سوف يمكن من إحداث التغيير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي النوعي في أرجاء هذه المناطق.

3-2-2: الري .

أما فيما يتعلق بتحسين الري وتوسيع الأراضي الزراعية فإن هذا الخزان سوف يلعب دوراً بارزاً إذا قمنا بإنجاز كهربة مشاريع الري بالمضخات. وقد تمت الرؤية أيضاً في الدراسات على أن الخزان سوف يساعد في تدفق مستوى كافٍ من المياه في فصل الجفاف لمشاريع الري بالمضخات التي تقع بعد منطقة الخزان من كريمة وحتى دنقلا.

كما أن الخزان سيلعب دوراً حقيقياً في الحد من ظاهرة الفيضانات المدمرة التي يمكن أن تهدد المنطقة الواقعة بعد الخزان وخاصة كالفيضان الذي أصاب المنطقة عام 1946م.

وعموماً فإن الأرض الصخرية الواقعة بعد حوض الخزان في بعض المناطق سوف تكون مغطاة بالطمي وأن هنالك حوالي 500.000 فدان سوف تكون قابلة للزراعة وربما أكثر إذا تم استصلاح جزء من هذه الأراضي التي لم يتمكن الأهالي من استصلاحها.

وبالرغم من أن ري الأراضي القابلة للزراعة بواسطة شبكة القنوات وفقاً لبعض الدراسات على ما يبدو أمر صعب لأن الخزان يقع في منطقة صخرية وأن الأراضي الزراعية حول تلك المنطقة محدودة جداً. إلا أنه وبالرغم من ذلك فإن الاقتراح المعقول يمكن أن يثار حول هذا الموضوع. فالسؤال المتبادر إلى الذهن: لماذا لا نفكر بجدية بحفر قناة بحوالي 40 كيلومتر طولياً لتصب في خور أبو دوم ومن ثم تتحرك بعض المسافة في اتجاه الجنوب قبل أن تنحني في اتجاه مروي وتلتقي بالنيل مرة أخرى؟

هنا يمكن لنا أن نتحصل على ثلاث فوائد:

الفائدة الأولى: يمكن لنا أن نستفيد بطريقة جيدة من مناطق صحراء بيوضة التي تحيط القناة واضعين في الاعتبار تلك الحشائش والأعشاب الطبية والعطرية التي تنمو في تلك المنطقة بكثافة مثل الدوم والعشر والسنا مكة… إلخ، والتي تشير إلى أن أراضي تلك المنطقة عالية الخصوبة، وذلك بحسبان أن هذه النباتات عادة تنمو في المناطق الزراعية الجيدة.

الفائدة الثانية: إن الزراعة في ذلك الجزء من صحراء بيوضة سوف تؤدي إلى استقرار القبائل البدوية التي بدأت في ترك أراضيها نحو ضفاف النهر نسبة للأمطار الضعيفة خصوصاً في القرنين الماضيين. بعض هؤلاء البدو سببوا مشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة لسكان ضفاف النهر كما أنهم عاشوا حياة غير مستقرة وليست مشابهة تماماً لحياتهم التي ألفوها.

الفائدة الثالثة: هذه القناة سوف تمرر جزءًا من الطمي الذي سوف يتجمع خلف الخزان وبالتالي تسهم في حل مشكلتين رئيسيتين،:

الأولى: الإطماء يؤثر على توليد الطاقة، كما يحدث الآن في خزاني الروصيرص والقربة.

الثانية: إن الأراضي التي باتجاه مجرى النهر من منطقة الخزان سوف تفقد جزءًا من خصوبتها نسبة لعدم وجود الطمي فيها.

وعلى أية حال فإنني آمل أن تقدم دراسات الجدوى التفصيلية المنتظر إجراؤها بواسطة خبراء تنفيذ الخزان معلومات توضح إلى أي مدى ممكن أن يكون اقتراح هذه القناة عملياً ويمكن تطبيقه.

ربما هذا يمكن أن يكون برهاناً على أن هذه المنطقة تكون واحدة من المناطق الجيدة المفضلة لزراعة القمح والفاصوليا والفول المصري والقطن أو أية محاصيل أخرى وبالتالي تكون إضافة مناسبة لمشروعي الجزيرة والمناقل مستقبلاً.

3-2-3: النقل

إن سبل المواصلات تكون واحدة من العوامل التي تلعب دوراً بارزاً في التنمية الاقتصادية، فهي تسهل حركة السكان وفي التخصص الجغرافي للإنتاج بالجملة وتمييز المناطق.

إن الإنتاج الفائض يجب أن يصدر أو يحول إلى مناطق الاستهلاك الداخلي. إن كان هنالك فائض ولم تكن هنالك وسائل نقل فإن الإنتاج فإن الإنتاج يصبح عديم الفائدة خصوصاً إذا كان سريع التلف.

هنالك يكون حجم طاقة النقل مثالياً لأي مستوى للتنمية، ففي المديرية الشمالية كما رأينا إنشاء خزان مروي سوف يخلق مشاريع جديدة زراعية كنت أو صناعية، وهذه المشاريع سوف تزيد الإنتاج ومن ثم إنه على ما يبدو م الأهمية بمكان تحسين سبل النقل والمواصلات في المنطقة. إن هذا الخزان سوف يساعد في تحسين سبل المواصلات والنقل بطرق عديدة.

أولاً: هنالك حسر مقترح سوف يبنى خلف منطقة الخزان ليربط الضفة الشرقية بالضفة الغربية للنيل. كذلك خطط لإنشاء خط سكة حديد بين كريمة وأبوحمد مباشرة مع الخط القديم لتسهيل حركة الناس والبضائع.

ثانياً: إن خطاً للسكة حديد بالضفة الغربية من الحامداب إلى دنقلا قد تم أيضاً اقتراحه ويمكن أن يمتد هذا الخط حتى يصل أسوان في مصر لتسهيل عملية المقايضة التجارية وتجارة الحدود بين البلدين.

ثالثاً: إن إنشاء مشروع الهيدروكهربائي بالقرب من الحامداب متوقع كربط هذا الإقليم بالخرطوم بطريق مسفلت.

3-2-4: الملاحة

        إن الملاحة بين كريمة ودنقلا هي الوسيلة الرئيسية للنقل النهري في المديرية الشمالية، حيث يجري النيل مسافة 334 كيلومتر تقريباً. إنها هي الرباط الرئيسي لهذه المدن. وإنه من المفترض أن بوابات الخزان سوف يمر به مستوى من المياه الكافية للسماح بملاحة سهلة خصوصاً في فصل الجفاف.

أنا يمكن لست في المستوى المتوقع لهذا الافتراض وأفكر في أن الخزان سوف بالكاد يحسن عملية الملاحة. حتى إنه ربما قد يقطع هذا الربط لأنه بدون بناء هذا الخزان فإن الملاحة في هذه المنطقة تكون صعبة في فصل الجفاف. لذلك لا نستطيع أن نتخيل أن البوابات سوف تمرر مستوى من المياه يسمح بملاحة سهلة. وتم الاقتراح أيضاً نسبة للترسيب فإن الخزان سوف يسمح للملاحة خلف موقعه.

3-2-5: الخزان يؤثر على نسبة الهجرة

قبل أن أبدأ التعامل في كيفية أن خزان مروي يؤثر على نسبة هجرة العمالة، كان من الأفضل مناقشة لماذا يهاجر الناس من المديرية الشمالية إلى الأجزاء الأخرى ن السودان.

إن أسباب الهجرة يمكن أن تصنف إلى فئتين:

(أ) عوامل الدفع

إنها عوامل تدفع الناس من المديرية إلى المناطق الأخرى من البلاد.

عوامل الدفع عديدة وتتضمن الآتي:

  • الكثافة السكانية العالية في المديرية في حدود منطقة الأراضي الزراعية المحدودة.
  • فقدان الخدمات ف يالمناطق الريفية من المديرية وأن سكان المناطق الريفية يمثلون 80% من مجموع السكان.
  • فقدان النشاطات الصناعية والتجارية التي تمتص كثافة قوى العمالة العالية في المديرية.
  • غياب وسائل النقل وشبكة الاتصالات الجيدة. هذا يؤدي إلى عدم الكفاءة للخدمات المدينية مثل التعليم والصحة في كل أقاليم المديرية.
  • مستوى معيشة العمال منخفض جداً. ففي المدن الرئيسية يكون دخل الفرد عالياً. لذلك من المعقول أن يتجه الناس من الأقاليم الفقيرة نحو المدن الكبيرة.

 

إن المسوحات الاقتصادية بينت أن أعلى دخل في مدن المديرية مثل دنقلا يصل إلى 46 جنيه وهو أكثر انخفاضاً من أقل دخل في المراكز المدينية بالسودان.

عموماً فإن عوامل الضغط تعتمد عل النواحي الاقتصادية والاجتماعية ولكن حقيقة فإن النواحي الاقتصادية أكثر أهمية. فالناس غالباً يهاجرون إلى المدن الكبيرة بغرض العمل. هذا لا ينطبق فقط على الأقليم الشمالي أو السودان فحسب، بل ينطبق أيضاً على الدول النامية في آسيا وأفريقيا.

إن العوامل الاقتصادية تتنوع من إقليم لآخر. فبعض الأقاليم غنية بالمواد الطبيعية، بينما الأخرى فقيرة.

(ب) عوامل الجذب

هذه العوامل يمكن أن تتمثل في الخدمات المدينية بالطرق التالية:

  • وجود الخدمات المدينية في مراكزها الكبيرة مثل التعليم والصحة… إلخ.
  • مستوى المعيشة العالي في المدن الكبيرة بالبلاد.
  • الوظائف تكون متاحة نسبة لنشاطات الصناعية والزراعية والتجارية.
  • النشاطات الثانوية ومن الدرجة الثالثة في المراكز المدينية.

 

كل هذه العوامل تجذب الناس في المناطق الريفية إلى المراكز المدينية الكبيرة للسودان وغالباً تلك الأجزاء المختلفة من المديرية الشمالية.

عوامل الدفع والجذب تؤديان إلى الهجرة الضخمة من المديرية، وهذه تؤدي بدورها إلى نقص القوى العاملة والإنتاج.

هنالك سؤال وارد ألا وهو: هل الخزان قادر على خفض نسبة الهجرة مؤكداً الأمن الاقتصادي والاستقرار في الإقليم؟

إن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى أن الخزان يتخلص من أو يخفض عوامل الدفع إلى الحد الأدنى الذي يؤدي إلى الهجرة من الإقليم. إنه افترض في أوائل هذا الفصل أن الخزان سوف يخلق مشاريع جديدة – زراعية وصناعية – ويسهل نشاطات النقل والمواصلات والتجارة. هذه المشاريع سوف تجلب أيضاً الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والصحة… إلخ.

مشيراً إلى الوراء لعوامل الدفع نجد أن الخزان يمكنه تخفيض نسبة الهجرة عن طريق إزالة عوامل الدفع تقريباً وتزويد الفوائد التي تجذب الناس إلى المناطق الحضرية.

هذا بالطبع سوف ينجز الاستقرار في الإقليم وإن دخل الفرد سوف يرتفع بالإضافة إلى مستوى المعيشة.

3-2-6: إنشاء الخزان يخفض البطالة

إن الخزان يزود الأساس للتنمية في الإقليم والأراضي الزراعية سوف تتسع ومشاريع الري بالمضخات الموجودة يمكن أن تكون أفضل استفادة وتتم أيضاً النشاطات الصناعية والتجارية.

إن اتساع القطاع الزراعي سوف يزيد في إيجاد فرص الوظائف لسكان الحضر والريف على حد سواء. أغلب الزراعيين الذين تركوا أراضيهم الزراعية نسبة للنقص في النفط سوف يرجعون إلى زراعتهم ويستخدمون أعداداً من العاملين. أيضاً إن التنمية الصناعية التي تم التنبؤ بها يتطلب لزيادة القوى العاملة بصورة ضخمة وباطِّراد.

إن استعمال الآليات ليس دائماً عملياً خصوصاً في الدول النامية لأنهم يفقدون المال. علاوة على ذلك ليس في الأماكن استهلاك الآلية في كل مراحل الإنتاج. إن أشغالاً معينة لا يمكن أن تعمل بالماكينات وفوق هذا فإن كل الماكينات تتحرك وتسيطر بواسطة الإنسان كحل أخير.

كل هذه الوظائف سوف تشغل بواسطة العاطلين عن العمل أو على الأقل فإن العاطلين سوف يبدلون المهرة الذين يتحركون لشغل هذه الوظائف.

من ناحية أخرى، خلال فترة إنشاء الخزان الذي ربما يمتد إلى ثمان سنوات فإن أعداداً كبيرة من العاملين سوف يستخدمون وفرص وظائف مؤقتة عديدة سوف تكون موجودة.

ثالثاً: إن مهنة صيد الأسماك التي يتم خلقها وترقيتها وترويجها بإنشاء الخزان سوف يمتص أعداداً هائلة من العاطلين.

3-2-7: فوائد أخرى

بجانب ما نظرنا إليه سلفاً، إن هنالك ميزات أخرى:

أولاً: الخزان سوف يروج ويرتقي بعملية صيد الأسماك وهذا سوف يزيد استهلاك اللحوم في المنطقة.

ثانياً: سوف تكون هنالك مراقبة طبيعية للفيضانات العالية مع أنها تعتبر ناحية ثانوية. لم تكن هنالك فيضانات ملحوظة منذ عام 1974م ما عدا في عام 1975م. على أية حال فإن الخزان سوف يضبط ويراقب الفيضانات إن وجدت.

ثالثاً: هنا يكون الخزان أكثر عملاً ووظيفة لأنه سوف يساعد في تخفيض نسبة تآكل ضفاف النهر أو ما يعرف ( بالهدَّام ) وهو اسم محلي لهذه الظاهرة وهو يهدد المناطق الزراعية على نحو متزايد خصوصاً باتجاه مجرى النهر من منطقة الخزان.

رابعاً: الخزان سوف يعمل على إيجاد مياه الشرب مع إنه ليست هنالك مشكلة في مياه الشرب مطلقاً في الإقليم.

 

3-3: إنه معروف بأن نظرية التخزين على مدى السنوات للسد العالي بأسوان المصرية قد أخذت في الحسبان مراقبة وضبط متوسط التصريف للنيل خلال السنوات للقرن الحالي وهو يبلغ 84 م م3 في السنة.

إن الاعتبارات الأساسية التالية تجعل من سد مروي ضرورياً لمساعدة سد أسوان العالي في التخزين على مدار السنة من مجموع إنتاج النيل الذي يصل أسوان.

(أ) إن متوسط التفريغ الذي كان أساسه أتفاقية مياه النيل لعام 1959م هو 84 مليار قد ازداد في السنوات اللاحقة وأصبح الآن تقريباً 87 مليار.

(ب) إن التخزين الإضافي الذي الذي يمكن الحصول عليه من قناة جنقلي يساوي 4 مليار ليتم تقسيمه بالمناصفة بين السودان ومصر بالإضافة إلى أن هنالك مشاريع متوقعة لزيادة إنتاج النيل لتزويده بزيادة 18 مليار عند تتم نهائياً.

(ج) بينت الدراسات أن تصريفات الفيضان يمكن إطلاقها باتجاه مجرى النيل من سد أسوان العالي ويجب أن تكون محدودة لاجتناب تعرية مجرى النيل الذي شجع إنشاء قناة توشكا لتصريف فائض المياه قبل مستوى التخزين الأدنى حتى يصل 182 م في السد العالي بأسوان.

إن المياه المخزونة يجب أن لا يتم تصريفها مالم يكن مستوى التخزين متوقعاً لتجاوز مستوى 182م وذلك لاجتناب ضياع المياه التي تكون مفيدة عند توالي السنين المنخفضة. وهذه هي الفائدة الرئيسية للسد العالي بأسوان وجوهر موضوع اتفاقية النيل لعام 1959م.

هذه الاعتبارات تقف دليلاً لأهمية الموضوع بالنسبة لمصر وليس فقط خزان مروي. حتى أن سد مروي العالي سوف يقوم بتخزين 11.8 مليار إن كان ممكناً لمساعدة طاقة التخزين الموجود بالسد العالي بأسوان المصرية وبالأخص عندما يكون هذا ممكنا لتخزين حوالي 250 مليون متر مكعب يومياً في خزان سد مروي خلال الفيضانات العالية وهذا يمكن أن يتم إطلاقه بأمان باتجاه مجرى النيل إلى مصر.

هذه الضمانات لضبط انسياب النهر حيث لا إطلاق تصاريف زائدة بدون ضرورة باتجاه مجرى النهر إلى خزان السد العالي بأسوان المصرية سوف تساعد في حماية مصر ضد فترات الفيضان العالي.

بالإضافة إلى فوائد التخزين الذي نحن بصدده، سوف تكون هنالك فائدة توليد الكهرباء من المياه المتوقعة وإن خط نقل الكهرباء يمكن أن يمتد حتى أسوان. ومن ثم إن مصر طالما راغبة في امتلاك كل هذه المنافع التي من الأهمية العظيمة لها. إذن طالما يصبح هذا مطلباً وحقاً شرعياً لنا فما هو دور ومشاركة مصر في إنشاء هذا الخزان؟ بكلمات أخرى لماذا لا نشارك مصر في التكاليف طالما سوف تشاركنا هذه الفوائد والمنافع؟

أنا أفترض أنه سوف تكون هنالك مناقشات مثمرة ذات فائدة بواسطة اللجنة الفنية الدائمة المشتركة، وآمل أن مشاركة مصر سوف تكون متناسبة مع فوائدها من المشروع.

الخـلاصـة

  • إن المشروع كما يتصور فهو اقتصادياً قابل للتطبيق.
  • إن الطاقة السنوية التي يمكن أن تولد في الموقع سوف تكون 36000 قيقاواط/ الساعة بطاقة ممتدة بـ 600 ميقاواط. تجمع المياه في الخزان على مستوى 285 متر بحجم تخزين أولي 4.9 مليار متر مكعب. مساحة سطح المياه 381 كيلومتر مربع وصافي التبخر السنوي 0.88 مليار متر مكعب.
  • تقديرات تكلفة رأس المال عبر عنها في مستوى أسعار يناير 1978م وكانت حوالي 700 مليون جنيه ولكن تقديرات التكلفة عبر عنها في يناير 1981م هي 1241 مليون دولار وهو ما يساوي 1116.9 مليون جنيه في ذلك الوقت. كذلك فإن الفرق بين تقديرات عام 1981 – 1978م حوالي 416.9 مليون جنيه التي يعني أنه بحلول عام 1990م وهو بداية تاريخ الإنشاء فإن تقديرات التكلفة ربما تزيد بأكثر عن ثلاث أضعاف إذا بدأت العملة السودانية في الانخفاض ونحن إذا اعتبرنا النسبة الحالية في الوقت الحاضر على أنها ثابتة فتكون $ $ 1 = 130 pt فنجد أن تقديرات التكلفة ازدادت إلى 161303 مليون جنيه. عموماً فإن تقديرات تكلفة المشروع هائلة.
  • إن الطاقة المنتجة من المشروع سوف تتغير جوهرياً وسوف يتحسن الإنتاج الزراعي والنمو الصناعي ومستوى معيشة الناس في المديرية الشمالية. بعد إكمال وإتمام المشروع سوف يكون من الأهمية بمكان للإقليم والسودان بأجمعه ومصر. كل المدن والقرى الكبيرة يمكن أن يكون مفترضاً لامتداد التيار الكهربائي المنتظم. تجهيزات وتركيبات محطات الضخ يمكن أن تتغير لعملية الإمداد الكهربائي ومن ثم تتوفر إمدادات الوقود التي تورد حالياً من الخارج ودائماً غير متوفرة. وإن الإنتاج الزراعي المتزايد يحتمل أن يكون مباشراً وأن التأثير المفيد لجعل إمداد الطاقة التي يعول عليها متاحة للمنطقة. وإن الصناعات المعتمدة على المنتوجات الزراعية في نطاق صغير لها علاقة بأنواع المحاصيل التي تنمو في المنطقة أيضاً يحتمل أن يحدث ويبدأ تجارياً إذا توفرت الطاقة من المشروع المقترح للمقيمين والأفراد المحليين في المنطقة.
  • سوف تنشأ وظائف جديدة عن طريق النشاطات المتزايدة ومن ثم هذه سوف تخفض أيضاً هجرة السكان إلى الأجزاء الأخرى من البلاد.
  • بالرغم من ذلك إن أغلب المشاريع التي نفذت بواسطة الإنسان لن تؤثر على توازن الطبيعة. قد يُرى على أنه متى ما يتدخل الإنسان في الطبيعة لإنشاء البناء الهيدروليكي فإن عدة مشاكل تنبري وتنشأ مثل الهدام وهو تآكل ضفاف النهر والترسيب أو انخفاض خصوبة التربة نسبة لعزل الطمي نحو أعلى النهر. ليست هنالك أية مشاكل قد تتصور في المشروع لأن تحويل الماء لتوليد الطاقة قد أنجز تقريباً بدون سد.
  • على أية حال إن التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية من خزان ذي غرض واحد في مروي محدودة جداً وإن المنافع والفوائد ستكون محدودة أيضاً في فترة الإنشاء للاستخدام والطلب للمواد الخام وإنشاء الخدمات الثابتة مثل الجسر بعد إتمام الخزان فإن المنافع سوف تكون في رضاً وقناعة مع توليد الطاقة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف مقال اقتصادي. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.