البيع على الصفة هل يجوز؟

البيع على الصفة هل يجوز؟

د. توفيق الطيب البشير

 

أولاً : المالكية ، فالمالكية يجيزون البيع على الصفة ويجعلونه لازماً كما يجيزون البيع بغير صفة ويثبتون فيه الخيار ، فقد جاء في مواهب الجليل:” والمعنى أنه يجوز بيع الغائب بلا وصف  على الخيار أو بوصف على اللزوم ويفهم اللزوم من كون المصنف لم يشترط في عقده أن يكون على الخيار لأنه إذا لم يشترط الخيار فالأصل في البيع اللزوم وهذه النسخة أولى من النسخة التي فيها ووصفه بالواو لأن المصنف على النسخة التي بأو يكون قد استوفى الكلام على أقسام بيع الغائب والله أعلم فرع فإن وجد الغائب على الصفة المشترطة بموافقة من المشتري أو شهدت بذلك بينة لزم البيع وإلا فلا  ([1]).

وجاء في حاشية الدسوقي أيضاً جواز ذلك على بعض التفصيل :” أعلم أن   بيع الغائب  فيه ست صور لأنه إما أن يباع على الصفة أو بدونها وفي كل منهما إما أن يباع على البت أو على الخيار أو على السكوت وكلها جائزة إلا ما بيع بدون صفة على اللزوم أو السكوت فقول المصنف وجاز بيع غائب أي على البت أو على الخيار أو السكوت هذا إذا وصف ذلك المبيع الغائب بل وإن بلا وصف إن كان البيع على الخيار للمشتري لا إن كان بتا أو على السكوت فإنه لا يجوز فقوله على خياره بالرؤية قيد فيما بعد لو فقط وهو المبيع بلا وصف وما ذكره هو المشهور ومذهب المدونة “. ([2])

ثانياً : الحنفية ج: بداية المبتدي ج: 1 ص: 133

ومن اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز وله الخيار إذا رآه إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده ومن باع مالم يره فلا خيار له ومن نظر إلى وجه الصبرة أو إلى ظاهر الثوب مطويا إو إلى وجه الجارية أو إلى وجه الدابة وكفلها فلا خيار له وإن رأى صحن الدار فلا خيار له وإن لم يشاهد بيوتها ونظر الوكيل كنظر المشتري حتى لا يرده إلا من عيب ولا يكون نظر الرسول كنظر المشتري وهذا ثم أبي هما سواء وله أن يرده وبيع   الأعمى  وشراؤه جائز وله الخيار إذا اشترى ثم يسقط خياره بجسه المبيع إذا كان يعرف بالجس ويشمه إذا كان يعرف بالشم ويذوقه إذا كان يعرف بالذوق ولا يسقط خياره في العقار حتى يوصف له .

بدائع الصنائع ج: 5 ص: 163

وأما العلم بأوصاف المبيع والثمن فهل هو شرط لصحة البيع بعد العلم بالذات والجهل بها هل هو مانع من الصحة قال أصحابنا ليس بشرط الصحة والجهل بها ليس بمانع من الصحة لكنه شرط اللزوم فيصح بيع ما لم يره المشتري لكنه لا يلزم وعند الشافعي رحمه الله كون المبيع معلوم الذات والصفة من شرائط الصحة حتى لا يجوز بيع ما لم يره المشتري عنده

الشافعية : وأما الشافعية وإن كان جمهورهم على قول الإمام الشافعي الأخير والقاضي بعدم جواز البيع بلا رؤية والبيع على الصفة إلا أنهم يجيزون البيع على الرؤية المتقدمة إن كان المبيع مما لا يتغير كالعقار ولعل العلة التي قدمها الإمام الشافعي قامت على احتمال تلف المبيع أو تغيره كما ورد في الأم قوله : قال الربيع رجع الشافعي فقال ولا يجوز بيع خيار الرؤية  ولا بيع الشيء الغائب بعينه لأنه قد يتلف ولا يكون عليه أن يعطيه غيره ” . ([3])

 وقال صاحب اللإقناع :” ولا يجوز بيع الغرر المعلوم للنهي عنه ولا يشترط العلم به من كل وجه بل يشترط العلم بعين المبيع وقدره وصفته فلا يصح بيع الغائب إلا إذا كان رآه قبل العقد وهو مما لا يتغير غالبا كالأرض والأواني والحديد والنحاس ونحو ذلك . ([4])

الحنابلة : وأما الحنابلة فهم يرون صحة بيع الغائب إذا وصف وصفاً منضبطاً أو تقدمت رؤيته في إحدى الروايتين عنهم ([5])  

المغني ج: 4 ص: 15

 وفي بيع الغائب روايتان أظهرهما أن الغائب الذي لم يوصف ولم تتقدم رأيته لا يصح بيعه وبهذا قال الشعبي والنخعي والحسن والأوزاعي ومالك وإسحاق وهو أحد قولي الشافعي وفي رواية أخرى أنه يصح وهو مذهب أبي حنيفة والقول الثاني للشافعي وهل يثبت للمشتري خيار الرؤية على روايتين أشهرهما ثبوته وهو قول أبي حنيفة واحتج من أجازه بعموم قول الله تعالى وأحل الله البيع وروي عن عثمان وطلحة أنهما تبايعا داريهما بالكوفة والأخرى بالمدينة فقيل لعثمان إنك قد غبنت فقال ما أبالي لأني نظير ما لم أره وقيل لطلحة فقال لي الخيار لأنني اشتريت ما لم أره فتحاكما إلى جبير فجعل الخيار لطلحة وهذا اتفاق منهم على صحة البيع ولأنه عقد معاوضة فلم تفتقر صحته إلى رؤية المعقود عليه كالنكاح ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر رواه مسلم ولأنه باع ما لم ير ولم يوصف له فلم يصح    

المبدع ج: 4 ص: 27

البيع   بالصفة  نوعان بيع عين معينة كبعتك عبدي التركي ويذكر صفاته فينفسخ العقد برده على البائع وتلفه قبل قبضه لكونه معينا وبيع معين كبعتك عبدا تركيا ويستقصي صفات السلم فيصح البيع في وجه اعتبارا بلفظه وفي آخر لا وحكاه الشيخ تقي الدين عن أحمد كالسلم الحال وفي ثالث يصح إن كان ملكه فعلى الأول حكمه حكم السلم يعتبر قبضه أو ثمنه في المجلس في وجه وقال القاضي يجوز التفرق فيه قبل القبض لأنه بيع حال أشبه بيع المعين فظاهره لا يعتبر تعيين ثمنه وظاهر المستوعب وغيره يعتبر وهو أولى ليخرج عن بيع دين بدين وجوز الشيخ تقي الدين بيع الصفة والسلم حالا إن كان في ملكه ولا يجوز بيع الحمل في البطن لما روى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا أنه نهى عن بيع المضامين والملاقيح قال أبو عبيد المضامين ما في أصلاب الفحول والملاقيح ما في البطون وهي الأجنة ولأنه مجهول لا تعلم

الكافي في فقه ابن حنبل ج: 2 ص: 13

ويعتبر لصحة العقد الرؤية من المتعاقدين جميعا لأن الرضا معتبر منهما فتعتبر الرؤية التي هي مظنة له منهما جميعا   فصل فإن رأيا المبيع ثم عقدا بعد ذلك بزمن لا تتغير العين فيه صح في صحيح المذهب وعنه لا يصح لأن ما كان شرطا يعتبر وجوده حال العقد كالشهادة في النكاح ولنا أنه معلوم عندهما أشبه ما لو شاهداه حال العقد أو اشترى منه دارا كبيرة وهو في طرفها طاعة العلم وهو مقارن للعقد ثم إن وجد المبيع لم يتغير لزم وإن وجده ناقصا فله الخيار ولأن ذلك كالعيب وان اختلفا في التغيير فالقول قول المشتري لأن الثمن يلزمه فلا يلزمه الا ما اعترف به وإن عقدا بعد الرؤية بزمن يفسد فيه ظاهرا لم يصح معلوم وإن احتمل الأمرين ولم يظهر التغير فالعقد صحيح لأن الأصل سلامته    فصل ويصح البيع بالصفة في صحيح المذهب إذا ذكر أو صاف المسلم لأنه لما عدمت المشاهدة للمبيع وجب استقصاء صفاته كالسلم وإذا وجده على الصفة لزم العقد وإن وجده على خلافها فله الفسخ فإن اختلفا في التغير

النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر ج: 1 ص: 292

 قال الشيخ تقي الدين وهذا يقتضي أن بيع العقار   بالصفة  جائز والعقار لا يجوز فيه السلم فعلم أن هذا أوسع من باب السلم      وقد عرف من هذه المسألة صحة بيع الأعمى وشرائه      قال القاضي وغيره شراء الأعمى وبيعه جائز على قياس المذهب وأن الرؤية ليست بشرط في عقد البيع وإنما الاعتبار   بالصفة  وهذا يمكن في حق الأعمى 

 

كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج: 29 ص: 416

ا ذا صح   بيع الغائب  بأن يبيعه بالصفة على مذهب مالك وأحمد فى المشهور وأما من أبطل بيعه مطلقا كالشافعي وأحمد فى رواية فالبيع باطل من أصله وأبو حنيفة يصححه مطلقا وأحمد فى رواية لكن له الخيار ثم الرؤية بكل حال وبكل حال فالأئمة متفقون على أن على البائع دفع الثمن إذا طلبه المشتري والحالة هذه والله أعلم.

المراجع:

[1]  – ج: 4 ص: 297

[2]  –  ج: 3 ص: 25

[3]  – ”  الأم ج: 3 ص: 74

[4]  – الإقناع للشربيني ج: 2 ص: 282

[5]  –  الغرر

هذه المقالة كُتبت في التصنيف غير مصنف. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.